كان عمال الإنقاذ الذين يحفرون بين الأنقاض منذ زلزال الاثنين في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا يسابقون الزمن للعثور على ناجين عالقين تحت الأنقاض. ولكن خطورة الموقف واستعجاليته فاقمتها درجاتُ الحرارة المتجمدة والأمطار والثلوج والرياح التي طالت بعض المناطق الأكثر تضرراً.
فخلال الساعات التي أعقبت الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات على سلم ريختر، انخفضت درجات الحرارة إلى حدود 2.7 درجة مئوية في المناطق المحيطة بمركز الزلزال بجنوب تركيا. كما شهد ذاك اليوم عاصفة مطرية باردة. وخلال الأيام التالية، هبطت درجات الحرارة وبقيت تحت درجة التجمد. 
هذه الظروف جعلت من مرحلة ما بعد الزلزال «حالة طوارئ داخل حالة طوارئ»، ما زاد من المخاطر بالنسبة للعالقين تحت الأنقاض، وبالنسبة للناجين الذي ليست لديهم مكان ملائم يلجؤون إليه، وبالنسبة لعمال الإنقاذ الذين يمضون ساعات طويلة في الحفر. 
ويقول إي. جون ويبفلر الثالث، أستاذ الطب بجامعة إيلينوي في كلية «بيوريا كوليدج أوف ميديسن» إن هذه درجات حرارة تجمد سيكون من الصعب على أي أحد لا يرتدي طبقات عدة من الملابس الدافئة تحمّلها.
الزلزال وقع حوالي الساعة 4.17 صباحاً بالتوقيت المحلي. ومعظم الناس كانوا نياماً في بيوتهم، لا يرتدون ملابس تناسب الجو البارد في الخارج، يقول براناف شيتي، وهو مستشار صحي إنساني مع منظمة الصحة والإغاثة العالمية «بروجيكت هوب» («مشروع الأمل»).
وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من الضحايا أصيبوا بالصدمة خلال الهزة، يقول شيتي، مضيفاً أن فقدانهم للدم والإصابات التي أصيبوا بها تجعلهم أكثر هشاشة وعرضة للخطر. 
التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة لمدة طويلة يزيد من احتمالات «قضمة الصقيع»، وهي إصابة يتجمد فيها الجلد أو الأنسجة، وعادة ما تبدأ من أطراف الجسم. ولكن التخوف الأكبر هو انخفاض درجة حرارة الجسم، إذ يمكن أن يؤدي هذا الأخير إلى الموت. ويزداد انخفاض درجة حرارة الجسم سوءاً تدريجياً مع استمرار التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة، يقول ويبفلر. 
فالناس يصابون بحالة انخفاض درجة حرارة الجسم حين تهبط درجة حرارة أجسامهم إلى ما دون 35 درجة مئوية. وحينما يحدث ذلك، تزداد على الفور احتمالاتُ موتهم جراء الإصابات التي يصابون بها في الزلازل. وبينما تزداد درجات حرارة أجسامهم انخفاضاً، يصبح من الصعب عليهم الارتجاف، مما لا يترك للناس طريقة للحفاظ على حرارة الجسم. وبعد ذلك، يصبح من الصعب عليهم التواصل أو الصراخ طلباً للمساعدة، ويبدؤون في فقدان الوعي. ويصبح انخفاض درجة حرارة الجسم خطيراً في حرارة جسم تبلغ 30 درجة مئوية، إذ يصبح خطر الموت كبيراً جداً. 
وتقول ريتشل داوتي بيتش، الأستاذة المحاضرة ومنسقة برنامج إدارة حالات الطوارئ بجامعة نيو هيفن، إن مما يزيد من خطورة الوضع الرطوبة التي تسببت فيها الزخات المطرية المتقطعة التي عرفتها المنطقة. ويمكن لانخفاض درجة حرارة الجسم أن يحدث حتى في درجات الحرارة المعتدلة عندما يكون الشخص مبللاً، وذلك على اعتبار أن الملابس المبتلة والرطوبة التي على الجسم تسحب الحرارة من الجسم بشكل أسرع. وفي تركيا وسوريا هناك ظروف باردة ورطبة معاً.
ويحدث ذلك جزئياً من خلال «التوصيل»، أو عملية فقدان حرارة الجسم من خلال الاتصال مع شيء ما. وعلى سبيل المثال، فإن الاستلقاء على لوح خرساني بارد سيجعل الشخص يصاب بانخفاض في درجة حرارة الجسم بشكل أسرع.
وبالنسبة لعمال الإغاثة أيضاً، الظروف المناخية القاسية لا تساعد على أيام عمل طويلة. ذلك أن أعمال الإنقاذ تقنيةٌ جداً وتستغرق وقتاً طويلاً، إذ تتطلب بعضُ مواقع الإنقاذ ساعاتٍ وساعاتٍ من العمل البدني، يقول شيتي. وأضاف أن البرودة تحدُّ من فعاليتها بكل تأكيد، وقد يتطلب الأمر تناوب مزيد من فرق الإنقاذ. 
ومع انهيار آلاف المباني، يتعين على من فقدوا بيوتهم إيجاد مكان يؤويهم ويقيهم البرد. وسيتعين على كلا البلدين توفير ملاجئ لضحايا حالات الطوارئ ورعايتها. هذا علاوة على العدد الكبير من السكان النازحين الذين يوجدون في وضع هش وعرضة للخطر، ولا سيما في شمال غرب سوريا، والذين لم تكن لديهم أصلاً أماكن مناسبة تؤويهم حتى قبل الزلزال. 

صحفية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سينديكيت»